أن نكون في مستوى اللحظة: واجب الوضوح والطموح / الأستاذ: أحمد سالم ولد بوحبيني

كيفه أون لاين / إن زيارة الوزير الأول الإسباني لنواكشوط، في أعقاب الدعوة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى رئيس الجمهورية، تترجم الاهتمام الدولي المتزايد ببلادنا. ولعل موريتانيا لم تكن يوماً بهذا القدر من التمركز في دائرة اهتمام القوى الكبرى والشركاء الاقتصاديين. فهذا الاهتمام المتجدد، الناتج عن موقعنا الجيوستراتيجي، واستقرارنا السياسي النسبي، وخاصة عن مواردنا الطبيعية والبشرية الهائلة، يشكل فرصة ثمينة.

لكن هذه الظرفية المواتية، على ما تحمله من وعود، تظل هشة وعابرة. ومن المهم أن نفهم ذلك جيداً: هذه الفرص لا تتكرر. فهي لا تدوم إلا بقدر الحماس الذي نُظهره، والجهود التي نبذلها لاغتنامها بالكامل.

فاللحظة لا تقتصر على الشعور بالرضا، بل تدعو إلى التعبئة. إنها لحظة الرؤية البعيدة والدقة في التنفيذ. لحظة النجاعة في الأداء، وتحسين مناخ الأعمال، وتسريع وتيرة الإصلاحات، وتأمين البيئة القانونية والمؤسسية للاستثمارات. إنها، باختصار، لحظة الذكاء السياسي والاقتصادي. نعم، نُشيد بجهود السلطات المبذولة، لكن من واجبنا أيضاً أن نُذكِّر بأن هذه الجهود يجب أن تتضاعف حتى تتحول هذه الظرفية إلى ديناميكية دائمة.

فلا يمكن أن يُبنى تطوير بلادنا على مدخرات وطنية محدودة، ولا على عائدات الضرائب العادية أو المخالفات الطرقية. بل يعتمد، كما ثبت في تجارب دول أخرى، على قدرتنا على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والاحتفاظ بها. فهنا يتحدد مستقبلنا الاقتصادي، وفرص خلق الوظائف، وسيادتنا الحقيقية.

ينبغي لموريتانيا أن تستقطب المستثمرين عبر الاستقرار، والوضوح، وقابلية التنبؤ، ومصداقية التزاماتها. يجب أن تخاطبهم بلغة الثقة والضمانات الصلبة. ويجب أن تثبت، دون تأخير، أنها شريك جاد وكفء، مستعد لاغتنام فرصته.

لأنه إذا أضعنا هذا المنعطف، فسندفع ثمنه غداً. فالفرص الضائعة لا تعود، والدول المنافسة لن تنتظرنا.
هذه الرسالة لا تحمل طابع النقد، بل على العكس. إنها دعوة صادقة ومسؤولة إلى اليقظة، والطموح، والارتقاء. فالتاريخ يطرق بابنا، فلنُحسن الجواب .

زر الذهاب إلى الأعلى